عدد المساهمات : 1222 نقاط : 1769 السٌّمعَة : 49 تاريخ الميلاد : 17/01/1991 تاريخ التسجيل : 29/08/2010 العمر : 33 الموقع : https://ahbab-fe-allah.yoo7.com/index.htm
موضوع: الشهيد محمد الدره الثلاثاء أكتوبر 26, 2010 10:46 am
محمد الدرة محمود درويش
عاشت الملايين عبر شاشات التلفزة قصة استشهاد محمد الدرة ذلك الطفل الذي أصبح رمزاً تعرت أمامه الحقيقة، وتلاشت كل الصور المشبوهة والمشوشة التي كان يزعمها الأعداء أصحاب الدم البارد الذين سرقوا ذلك الظبي الوديع من أحضان والده على مرأى من العالم الصامت. وللكلمة كما الحجر دور يعوّل عليه في الانتفاضة، فهذا شاعرنا الفلسطيني محمود درويش ينزف معاناة شعبه في كلمات، ويرثي أبناء الحجارة متمثلين بالشهيد الدرة الذي كان يريد الرجوع إلى البيت ليعدّ دروسه، وليكمل عمره رويداً رويداً، وفي الطريق اعترضه أزيز الرصاص ودوي القنابل، فاحتمى تحت جناح أبيه، وحلقت روحه عالياً قبل أن يتهجى حروف وجغرافية فلسطين، وقبل أن ترسم أنامله شكل الحجر أخترقت روحه مطر الرصاص وارتدت قميص الفراشات ولون الأقحوان وصعدت كأريج الليمون إلى السماء. وحرية الأقصى لا تموت بموت محمد الذي أصبحت صورته محفورة في خيالات الأطفال ومكتوبة في قلوب الأمهات وشوكة في حلق الأعداء ووصمة عار أخرى علىجبين الصهاينة الجبناء. والقصيدة للشاعر الموهوب محمود دوريش المولود في فلسطين عام 1942م والذي يعتبر رائداً من رواد الشعر الحديث. والقصيدة تعتمد على تفعيلة المتقارب. محمد الدرة محمدُ يعشعشُ في حضن والده طائراً خائفاً من جحيم السماء: احمني يا أبي من الطيران إلى فوق! إن جناحي صغير على الريح.. والضوء أسود … محمد يريدُ الرجوع الى البيت من دون دراجة.. أو قميص جديد يريدُ الذهاب الى المقعد المدرسي.. الى دفتر الصرف والنحو: خذني الى بيتنا، يا أبي، كي أعد دروسي وأكمل عمري رويداً رويداً على شاطئ البحر، تحت النخيل.. ولا شيء أبعدَ، لا شيء أبعد .. محمد يواجهُ جيشاً، بلا حجر أو شظايا كواكبَ. لم ينتبه للجدار ليكتب: (حُريتي لن تموت). فليست له بعدُ، حريةٌ.. ليدافع عنها، ولا أفق لحمامة بابلو بيكاسو، وما زال يولد، ما زال يولدُ في اسم يحمله لعنة الاسم. كم مرة سوف يولد من نفسه ولداً ناقصاً بلداً.. ناقصاً موعداً للطفولة؟ أين سيحلمُ لو جاءه الحلمُ والأرض جرحٌ .. ومعبد؟ .. محمد يرى موتهُ قادماً لا محالة ولكنهُ يتذكرُ فهداً رآهُ على شاشة التلفزيون، فهدأ قوياً يحاصر ظبياً رضيعاً. وحين دنا منه شمّ الحليب، فلم يفترسهُ كأنّ الحليب يُروض وحش الفلاة إذن، سوف أنجو- يقول الصبيّ ويبكي: فإن حياتي هناك مُخبأةٌ في خزانة أمي سأنجو .. وأشهد .. محمد فقير على قاب قوسين من بندقية صياده البارد الدم. من ساعة ترصد الكاميرا حركات الصبيّ الذي يتوحد في ظله: وجهه، كالضحى، واضحٌ قلبهُ، مثل تفاحة، واضحُ وأصابعه العشر، كالشمع واضحة والندى فوق سرواله واضح .. كان في وسع صياده أن يفكر بالأمر ثانية، ويقول: سأتركه ريثما يتهجى فلسطينه دون ما خطأ.. .. سوف أتركه الآن رهن ضميري وأقتله، في غد، عندما يتمرد!. .. محمد ..صغير ينامُ ويحلُمُ في قلب.. صنُعت من نحاس ومن غصن زيتونةً ومن روح شعب تجدّد .. محمد دمٌ زادَ عن حاجة الى ما يُريدون، فاصعدْ الى سدرة المنتهى يا مُحمّدْ