هو أبو زيد عبد الرحمن بن
محمد بن مخلوف الثعالبى، الجزائرى، المغربى، المالكى، الإمام الحُجَّة،
العالِم العامل، الزاهد الورع، ولىُّ الله الصالح العارف بالله. كان من
أولياء الله المعرضين عن الدنيا وأهلها، ومن خيار عباد الله الصالحين. قال
ابن سلامة الكبرى: كان شيخنا الثعالبى رجلاً صالحاً، زاهداً عالماً،
عارفاً، ولياً من أكابر الأولياء. وبالجملة فقد اتفق الناس على صلاحه
وإمامته، وأثنى عليه جماعة من شيوخه بالعلم والدين والصلاح، كالإمام
الأبىّ، والولىّ العراقى، وغيرهما. وقد عرَّف هو بنفسه فى مواضع من كتبه،
وبيَّن أنه رحل من الجزائر لطلب العلم فى آخر القرن الثامن فدخل بجاية، ثم
تونس، ثم رحل إلى مصر، ثم رجع إلى تونس، ويقول هو: لم يكن بتونس يومئذ
مَن يفوتنى فى علم الحديث، إذا تكلمت أنصتوا وقبلوا ما أرويه، تواضعاً
منهم وإنصافاً، واعترفاً بالحق، وكان بعض المغاربة يقول لى لما قدمت من
المشرق: أنت آية فى علم الحديث. وذكر كل شيوخه الذين سمع منهم فى تلك
البلاد.
وكان الثعالبى إماماً علاَّمة مُصَنِّفاً، خلَّف للناس كُتباً كثيرة نافعة،
منها: "الجواهر الحسان فى تفسير القرآن" وهو التفسير الذى نحن بصدده،
وكتاب الذهب الإبريز فى غرائب القرآن العزيز، وتحفة الإخوان فى إعراب بعض
آيات القرآن، وكتاب جامع الأُمهات فى أحكام العبادات، وغير ذلك من الكتب
النافعة فى نواح علمية مختلفة. وكانت وفاته سنة 876هـ (ست وسبعين وثمانمائة
من الهجرة) أو فى أواخر التى قبلها، عن نحو تسعين سنة، ودفن بمدينة
الجزائر، فرحمه الله