مشروعية الآذان
لما اطمأن رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، بالمدينة واجتمع أمر الأنصار ، استحكم أمر الإسلام ، فقامت الصلاة ، وفرضت الزكاة والصيام ، وقامت الحدود {5} ، وعرف الحلال والحرام ، وتمكن الإسلام في قلوبهم وقد كان رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، حين قدم المدينة ، يجتمع إليه الناس للصلاة لحين مواقيتها ، بغير دعوة ، فأراد النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم ، أن يجمعهم بعلامة تكون لهم ، فأشار بعضهم عليه أن يتخذ البوق فكرة ، وأشار آخرون بالناقوس فكرهه أيضا ، وأشار غيرهم برفع راية أو بإشعال النيران ، فكره هذه أيضا لأنها لا تفيد النائم أو الجالس في بيته ، فبينما المسلمون على ذلك في حيرة من أمرهم ، إذ أتى عبد الله بن زيد فقال : يا رسول الله ، مر بي رجل وأنا نائم عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوسا في يده فقلت له : يا عبد الله ، أتبيع هذا الناقوس ؟ قال : وما تصنع به ؟ قلت : ندعو به إلى الصلاة ، قال : أفلا أدلك على خير من ذلك ؟ فقال : الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا اله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله . فلما سمع رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم قال : " إنها لؤيا حق ، إن شاء الله " ثم أمره رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم أن يقوم بلال الحبشي ، ليؤذن بها ، لأن بلالا رضي الله عنه ، كان أجمل صوتا من عبد الله بن زيد ، وكان لرسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : مؤذنان وهما: بلال الحبشي ، وعبد الله بن أم مكتوم الفهري القرشي ، وكان بلال يزيد في أذان الفجر بعد حي على الفلاح : الصلاة خير من النوم مرتين ، فأقره رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك ، وأمر عليه الصلاة والسلام بأذانين في شهر رمضان ، الأول لإيقاظ النائمين ، وتذكير الغافلين ، والثاني لدخول الوقت وأداء الصلاة بعده